منتديات اهل الجنوب


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات اهل الجنوب
منتديات اهل الجنوب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ذكر احتجاج آدم وموسى عليهما السلام

اذهب الى الأسفل

ذكر احتجاج آدم وموسى عليهما السلام Empty ذكر احتجاج آدم وموسى عليهما السلام

مُساهمة من طرف ليث العراقي الثلاثاء سبتمبر 15, 2009 7:08 pm

ذكر احتجاج آدم وموسى عليهما السلام

قال البخاري : حدثنا قتيبة ، حدثنا أيوب بن النجار ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " حاج موسى آدم عليهما السلام فقال له : أنت الذي أخرجت الناس بذنبك من الجنة وأشقيتهم .

قال آدم : يا موسى . . أنت الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه ، أتلومني على أمر قد كتبه الله علي قبل أن يخلقني " .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فحج آدم موسى " .

وقد رواه مسلم بن عمرو الناقد ، و النسائي عن محمد بن عبد الله بن يزيد ، عن أيوب بن النجار به قال أبو مسعود الدمشقي : ولم يخرجا عنه في الصحيحين سواه وقد رواه أحمد ، عن عبد الرزاق عن معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة ، ورواه مسلم عن محمد بن رافع ، عن عبد الرزاق به .

وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو كامل ، حدثنا إبراهيم ، حدثنا أبو شهاب عن حميد بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " احتج آدم وموسى ، فقال له موسى : أنت آدم أخرجتك خطيئتك من الجنة ؟

فقال له آدم : وأنت موسى الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه ، تلومني على أمر قدر علي قبل أن أخلق ؟ " .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فحج آدم موسى " مرتين .

قلت : وقد روى هذا الحديث البخاري و مسلم من حديث الزهري ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه .

وقال الإمام أحمد : حدثنا معاوية بن عمرو ، حدثنا زائدة ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " احتج آدم وموسى ، فقال موسى : يا آدم . . أنت الذي خلقك الله بيده ، ونفخ فيك من روحه ، أغويت الناس وأخرجتهم من الجنة " .

قال : " فقال : آدم : وأنت موسى الذي اصطفاك الله بكلامه تلومني على عمل أعمله ، كتبه الله علي قبل أن يخلق السموات والأرض ؟ قال : فحج آدم موسى " .

وقد رواه الترمذي و النسائي جميعاً عن يحيى بن حبيب بن عدي ، عن معمر بن سليمان ، عن أبيه ، عن الأعمش به .

قال الترمذي : وهو غريب من حديث سليمان التيمي عن الأعمش .

قال : وقد رواه بعضهم عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد .

قلت : هكذا رواه الحافظ أبو بكر البزار في مسنده ، عن محمد بن مثنى ، عن معاذ بن أسد ، عن الفضل بن موسى ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد .

ورواه البزار أيضاً : حدثنا عمرو بن علي الفلاس ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، أو أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه .

وقال أحمد : حدثنا سفيان ، عن عمرو سمع طاووساً ، سمع أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " احتج آدم وموسى ، فقال موسى : يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة .

قال له آدم : يا موسى . . أنت الذي اصطفاك الله بكلامه - وقال مرة : برسالته - وخط لك بيده ، أتلومني على أمره قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة ؟ " .

قال : " حج آدم موسى ، حج آدم موسى ، حج آدم موسى " .

وهكذا رواه البخاري عن علي بن المديني ، عن سفيان ، قال : حفظناه من عمرو عن طاووس ، قال : سمعت أبا هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " احتج آدم وموسى ، فقال موسى يا آدم . . أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة .

فقال له آدم : يا موسى . . اصطفاك الله بكلامه وخط لك بيده ، أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة ؟

فحج آدم موسى ، فحج آدم موسى ، فحج آدم موسى " هكذا ثلاثاً .

قال سفيان : حدثنا أبو الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله .

وقد رواه الجماعة إلا ابن ماجه عن عشر طرق ، عن سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن عبد الله بن طاووس . عن أبيه عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه .

وقال أحمد : حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا حماد ، عن عمار ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لقي آدم موسى ، فقال : أنت آدم الذي خلقك الله بيده ، وأسجد لك ملائكته ، وأسكنك الجنة ، ثم فعلت ما فعلت ؟

فقال : أنت موسى الذي كلمك الله واصطفاك برسالته ، وأنزل عليك التوراة ، أنا أقدم أم الذكر ؟ قال : لا ، بل الذكر . فحج آدم موسى " .

قال أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا حماد ، عن عمار بن أبي عمار ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وحميد عن الحسن عن رجل - قال حماد : أظنه جندب بن عبد الله البجلي - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لقي آدم موسى " فذكر معناه ، وتفرد به أحمد من هذا الوجه .

وقال أحمد : حدثنا حسين ، حدثنا جرير - هو ابن حازم - عن محمد - هو ابن سيرين - عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لقي آدم موسى فقال : أنت آدم الذي خلقك الله بيده وأسكنك جنته ، وأسجد لك ملائكته ، ثم صنعت ما صنعت ؟

قال آدم لموسى : أنت الذي كلمه الله ، وأنزل عليه التوراة ؟ قال : نعم ، قال : فهل تجده مكتوباً علي قبل أن أخلق ؟ قال : نعم .

قال : فحج آدم موسى ، فحج آدم موسى " .

وكذا رواه حماد بن زيد ، عن أيوب ، وهشام عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة رفعه . وكذا رواه علي بن عاصم ، عن خالد ، وهشام ، عن محمد بن سيرين ، وهذا علي شرطهما من هذه الوجوه .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا يونس بن عبد الأعلي ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني أنس بن عياض ، عن الحارث بن أبي دياب ، عن يزيد بن هرمز ، سمعت أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " احتج آدم وموسى عند ربهما فحج آدم موسى ، قال موسى : أنت الذي خلقك الله بيده ، ونفخ فيك من روحه وأسجد لك ملائكته ، وأسكنك جنته ، ثم أهبطت الناس إلى الأرض بخطيئتك ؟

قال آدم : أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وكلامه ، وأعطاك الألواح فيها تبيان كل شيء ، وقربك نجياً ؟ فبكم وجدت الله كتب التوراة ؟ قال موسى : بأربعين عاماً ، قال آدم : فهل وجدت فيها " وعصى آدم ربه فغوى " ؟ قال : نعم قال : أفتلومني على أن عملت عملاً كتب الله علي أن أعمله قبل أن يخلقني بأربعين سنة ؟

قال : قال رسول لله صلى الله عليه وسلم : فحج آدم موسى " .

قال الحارث : وحدثني عبد الرحمن بن هرمز بذلك ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقد رواه مسلم ، عن إسحاق بن موسى الأنصاري ، عن أنس بن عياض ، عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبي رباب ، عن يزيد بن هرمز والأعرج ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه .

وقال أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "احتج آدم وموسى ، فقال موسى لآدم : يا آدم . . أنت الذي أدخلت ذريتك النار .

فقال آدم : يا موسى . . اصطفاك الله برسالته وبكلامه ، وأنزل عليك التوراة فهل وجدت أن أهبط ؟ قال : نعم ، قال : فحجه آدم " .

وهذا على شرطهما ولم يخرجاه من هذا الوجه ، وفي قوله : ( أدخلت ذريتك النار ) نكارة .

فهذه طرق الحديث عن أبي هريرة ، رواه عنه حميد وعبد الرحمن ، وذكوان أبو صالح السمان ، وطاووس بن كيسان ، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج ، وعمار بن أبي عمار ، ومحمد بن سيرين ، وهمام بن منبه ، ويزيد بن هرمز ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن .

وقد رواه الحافظ أبو يعى الموصلي في مسنده من حديث أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : حدثنا الحارث بن مسكين المصري ، حدثنا عبد الله بن وهب ، أخبرني هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه عن عمر بن الخطاب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "قال موسى عليه السلام : يارب : . . أرنا آدم الذي أخرجنا ونفسه من الجنة . فأراه آدم عليه السلام ، فقال : أنت آدم ؟ فقال له آدم : نعم . فقال : أنت الذي نفخ الله فيك من روحه ، وأسجد لك ملائكته ، وعلمك الأسماء كلها ؟ قال : نعم . قال : فما حملك على أن أخرجتنا ونفسك من الجنة ؟

فقال له آدم : من أنت ؟ قال : أنا موسى . قال : أنت موسى نبي بني إسرائيل ؟ أنت الذي كلمك الله من وراء الحجاب ، فلم يجعل بينك وبينه رسولاً من خلقه ؟ قال : نعم . قال : تلومني على أمر قد سبق من الله عز وجل القضاء به قبل ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فحج آدم موسى " .

ورواه أبو داود عن أحمد بن صالح المصري ، عن ابن وهب به .

قال أبو يعلي : حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا عبد الملك بن الصباح المسمعي ، حدثنا عمران ، عن الرديني ، عن أبي مجلز عن يحيى بن يعمر ، عن ابن عمر عن عمر - قال أبو محمد أكبر ظني أنه رفعه - قال : " لقي آدم موسى فقال موسى لآدم : أنت أبو البشر ، أسكنك الله جنته ، وأسجد لك ملائكته . قال آدم : يا موسى : أما تجده علي مكتوباً ؟ قال : فحج آدم موسى ، فحج آدم موسى " .

وهذا الإسناد أيضاً لا بأس به . . والله أعلم .

وقد تقدم رواية الفضل بن موسى لهذا الحديث عن الأعمش ، عن أبي صالح عن أبي سعيد ، ورواية الإمام أحمد له عن عفان ، عن حماد بن سلمة عن حميد ، عن الحسن عن رجل . قال حماد . أظنه جندب بن عبد الله البجلي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : " لقي آدم موسى " فذكر معناه .

وقد اختلفت مسالك الناس في هذا الحديث :

فرده قوم من القدرية لما تضمن من إثبات القدر السابق .

واحتج به قوم من الجبرية ، وهو ظاهر لهم بادي الرأي حيث قال : " فحج آدم موسى " لما احتج عليه بتقديم كتابه ، وسيأتي الجواب عن هذا .

قال آخرون : إنما حجه لأنه لامه على ذنب قد تاب منه ، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له .

وقيل : إنما حجه لأنه أكبر منه وأقدم . وقيل : لأنه أبوه . وقيل : لأنهما في شريعتين متغايرتين . وقيل : لأنهما في دار البرزخ وقد انقطع التكليف فيما يزعمون .

والتحقيق : أن هذا الحديث روى بألفاظ كثيرة بعضها مروى بالمعنى وفيه نظر .

ومدار معظمها في الصحيحين وغيرهما على أنه لامه على إخراجه نفسه وذريته من الجنة ، فقال له آدم : أنا لم أخرجكم ، وإنما أخرجكم الذي رتب الإخراج علي أكلي من الشجرة ، والذي رتب ذلك وقدره وكتبه قبل أن أخلق ، هو الله عز وجل ، فأنت تلومني على أمر ليس له نسبة إلى أكثر من أني نهيت عن الأكل من الشجرة فأكلت منها ، وكون الإخراج مترتباً على ذلك ليس من فعلي ، فأنا لم أخرجكم ولا نفسي من الجنة ، وإنما كان هذا من قدر الله وصنعه ، وله الحكمة في ذلك . فلهذا حج آدم موسى .

ومن كذب بهذا الحديث فمعاند ، لأنه متواتر عن أبي هريرة رضي الله عنه ، وناهيك به عدالة وحفظاً وإتقاناً .

ثم هو مروى عن غيره من الصحابة كما ذكرنا .

ومن تأويله بتلك التأويلات المذكورة آنفاً ، هو بعيد من اللفظ والمعنى ، وما فيها من هو أقوى مسلكاً من الجبرية .

وفيما قالوه نظر من وجوه :

أحدها : أن موسى عليه السلام لا يلوم على أمر قد تاب عنه فاعله .

الثاني : أنه قد قتل نفساً لم يؤمر بقتلها ، وقد سأل الله في ذلك بقوله : " رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له " .

الثالث : أنه لو كان الجواب عن اللوم على الذنب بالقدر المتقدم كتابته على العبد ، لا نفتح هذا لكل من ليم على أمر قد فعله ، فيحتج بالقدر السابق فينسد باب القصاص والحدود . ولو كان القدر حجة لاحتج به كل أحد على الأمر الذي ارتكبه في الأمور الكبار والصغار ، وهذا يفضي إلى لوزام فظيعة . فلهذا قال من قال من العلماء : بأن جواب آدم إنما كان إحتجاجاً بالقدر على المصيبة لا المعصية .

والله تعالى أعلم .

ذكر الأحاديث الواردة في خلق آدم عليه السلام

قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى ومحمد بن جعفر ، حدثنا عوف ، حدثني قسامة بن زهير ، عن أبي موسى ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض ، فجاء بنو آدم على قدر الأرض ، فجاء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك ، والخبيث والطيب ، والسهل والحزن وبين ذلك " .

ورواه أيضاً عن هوذة ، عن عوف ، عن قسامة بن زهير ، سمعت الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض ، فجاء بنو آدم على قدر الأرض ، فجاء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك ، والسهل والحزن وبين ذلك ، والخبيث والطيب وبين ذلك " .

وكذا وراه أبو داود و الترمذي و ابن حبان في صحيحه ، من حديث عوف بن أبي جميلة الأعرابي ، عن قسامة بن زهير المازني البصري ، عن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه . قال الترمذي : حسن صحيح .

وقد ذكر السدي ، عن أبي مالك وأبي صالح ، عن ابن عباس ، وعن مرة ، عن ابن مسعود ، وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : فبعث الله عز وجل جبريل في الأرض ليأتيه بطين منها ، فقالت الأرض : أعوذ بالله منك أن تنقص مني أو تشينني ، فرجع ولم يأخذ ، وقال : رب . . إنها عاذت بك فأعذتها .

فبعث ميكائيل فعاذت منه فأعاذها ، فرجع فقال كما قال جبريل . فبعث ملك الموت فعاذت منه ، فقال : وأنا أعوذ بالله أن أرجع ولم أنفذ أمره ، فأخذ من وجه الأرض وخلط ، ولم يأخذ من مكان واحد ، وأخذ من تربة بيضاء وحمراء ، فلذلك خرج بنو آدم مختلفين .

فصعد به فبل التراب حتى عاد طيناً لازباً . واللازب : هو الذي يلزق بعضه ببعض ، ثم قال للملائكة : " إني خالق بشرا من طين * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين " .

فخلقه الله بيده لئلا يتكبر إبليس عنه ، فخلقه بشراً ، فكان جسداً من طين أربعين سنة من مقدار يوم الجمعة ، فمرت الملائكة ففزعوا منه لما روأه ، وكان أشدهم فزعاً إبليس ، فكان يرم به فيضربه فيصوت الجسد كما يصوت الفخار يكون له صلصة ، فلذلك حين يقول : " من صلصال كالفخار " ويقول : لأمر ما خلقت ، ودخل من فيه وخرج من دبره وقال للملائكة : لا ترهبوا من هذا فإن ربكم صمد وهذا أجوب ، لئن سلطت عليه لأهلكنه .

فلما بلغ الحين الذين يريد الله عز وجل أن ينفخ فيه الروح ، قال للملائكة : إذا نفخت فيه من روحي فاسجدوا له ، فلما نفخ فيه الروح فدخل الروح من رأس عطس ، فقالت الملائكة : قل الحمد لله ، فقال : الحمد لله ، فقال له الله : رحمك ربك ، فلما دخلت الروح في عينه نظر إلى ثمار الجنة ، فلما دخلت الروح في جوفه اشتهى الطعام ، فوثب قبل أن تبلغ الروح إلى رجليه عجلان إلى ثمار الجنة . وذلك حين يقول الله تعالى : " خلق الإنسان من عجل " " فسجد الملائكة كلهم أجمعون * إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين " وذكر تمام القصة .

ولبعض هذا السباق شاهد من الأحاديث ، وإن كان كثير منه متلقى من الإسرائيليات .

فقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الصمد ، حدثنا حماد ، عن ثابت ، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لما خلق الله آدم تركه ما شاء أن يدعه ، فجعل إبليس يطيف به ، فلما رآه أجوف عرف أنه خلق لا يتمالك " .

وقال ابن حبان في صحيحه : حدثنا الحسن بن سفيان ، حدثنا هدبة بن خالد ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لما نفخ في آدم فبلغ الروح رأسه عطس ، فقال : الحمد لله رب العالمين ، فقال له تبارك وتعالى : يرحمك الله" .

وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا يحيى بن محمد بن السكن ، حدثنا حبان بن هلال ، حدثنا مبارك بن فضالة ، عن عبيد الله ، عن حبيب ، عن حفص - وهو ابن عاصم بن عبيد الله بن عمر بن الخطاب - عن أبي هريرة رفعه قال : " لما خلق الله آدم عطس ، فقال : الحمد لله ، فقال له ربه : رحمك بك يا آدم " .

وهذا الإسناد لا بأس به ولم يخرجوه .

وقال عمر بن عبد العزيز : لما أمرت الملائكة بالسجود كان أول من سجد منهم إسرافيل ، فآتاه الله أن كتب القرآن في جبهته . رواه ابن عساكر .

وقال الحافظ أبو يعلي : حدثنا عقبة بن مكرم ، حدثنا عمرو بن محمد ، عن إسماعيل بن رافع المقبري ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله خلق آدم من تراب ، ثم جعله طيناً ثم تركه ، حتى إذا كان حمأً مسنوناً خلقه الله وصوره ، ثم تركه حتى إذا كان صلصالاً كالفخار قال : فكان إبليس يمر به فيقول : لقد خلقت لأمر عظيم .

ثم نفخ الله فيه من روحه فكان أول ما جرى فيه الروح بصره وخياشيمه ، فعطس فلقاه الله رحمة به ، فقال الله : يرحمك ربك ، ثم قال الله : يا آدم . . اذهب إلى هؤلاء النفر فقل لهم ، فانظر ماذا يقولون ؟ فجاء فسلم عليهم فقالوا : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته . فقال : يا آدم . . هذه تحيتك وتحية ذريتك . قال : يا رب . . وما ذريتي ؟ قال : اختر يدي يا آدم ، قال : أختار يمين ربي وكلتا يدي ربي يمين ، فبسط كفه فإذا من هو كائن من ذريته في كف الرحمن ، فإذا رجال منهم أفواهم النور ، وإذا رجل يعجب آدم نوره ، قال : يا رب . . من هذا ؟ قال : ابنك داود ، قال : يا رب . . فكم جعلت له من العمر ؟ قال : جعلت له ستين ، قال : يا رب . . فأتم له من عمري حتى يكون عمره مائة سنة ، ففعل الله ذلك . وأشهد على ذلك .

فلما تقدم عمر آدم بعث الله ملك الموت ، فقال آدم : أولم يبق من عمري أربعون سنة ؟ قال له الملك : أو لم تعطها ابنك داود ؟ فجحد ذلك ، فجحدت ذريته ، ونسى فنسيت ذريته " .

وقد رواه الحافظ أبو بكر البزار و الترمذي و النسائي في ( اليوم والليلة ) من حديث صفوان ابن عيسى ، عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذياب ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم . قال الترمذي : حديث حسن غريب من هذا الوجه وقال النسائي : هذا حديث منكر . وقد رواه محمد بن عجلان ، عن أبيه عن أبي سعيد المقبري ، عن عبد الله بن سلام قوله .

وقوله الترمذي : حدثنا عبد بن حميد ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا هشام بن سعد ، عن زيد ابن أسلم ، عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لما خلق الله آدم مسح ظهره ، فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة ، وجعل بين عيني كل إنسان منهم وبيصاً من نور ، ثم عرضهم على آدم فقال : أي رب . . من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء ذريتك ، فرأى رجلاً فأعجبه وبيص ما بين عينيه ، فقال : أي رب . . من هذا : قال : هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك يقال له داود ، قال : رب . . وكم جعلت عمره ؟ قال : ستين سنة ، قال : أي رب . . زده من عمري أربعين سنة .

فلا انقضى عمر آدم جاء ملك الموت ، قال : أو لم يبق من عمري أربعون سنة ؟ قال : أو لم تعطها ابنك داود ؟ قال : فجحد فجحدت ذريته ، ونسى آدم فنسيت ذريته ، وخطىء آدم فخطئت ذريته " .

ثم قال الترمذي : ححسن صحيح ، وقد روي من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه الحاكم في مستدركه من حديث أبي نعيم الفضل بن دكين ، وقال : صحيح على شرط مسلم . ولم يخرجاه .

وروي عن أبي حاتم من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة مرفوعاً فذكره وفيه : " ثم عرضهم على آدم فقال : يا آدم . . هؤلاء ذريتك ، وإذا فيهم الأجذم والأبرص والأعمى وأنواع الأسقام ، فقال آدم : يا رب . . لم فعلت هذا بذريتي ؟ قال : كي تشكر نعمتي " .

ثم ذكر قصة داود . وستأتي من رواية ابن عباس أيضاً .

وقال الإمام أحمد في مسنده : حدثنا الهيثم بن خارجه ، حدثنا أبو الربيع ، عن يونس بن ميسرة ، عن أبي إدريس ، عن أبي الدرداء ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " خلق الله آدم حين خلقه فضرب كتفه اليمنى ، فأخرج ذريته بيضاء كأنهم الدر ، وضرب كتفه اليسرى فأخرج ذريته سوداء كأنهم الحمم فقال للذي في يمينه : إلى الجنة ولا أبالي ، وقال للذي في كتفه اليسرى إلى النار ولا أبالي " .

وقال ابن أبي الدنيا : حدثنا خلف بن هشام : حدثنا الحكم بن سنان ، عن حوشب ، عن الحسن قال : خلق الله آدم حين خلقه فأخرج أهل الجنة من صحفته اليمني ، وأخرج أهل النار من صفحته اليسرى ، فألقوا على وجه الأرض ، منهم الأعمى والأصم والمبتلى . فقال آدم : يا رب .. ألا سويت بين ولدي ؟ قال : يا آدم . . إني أردت أن أشكر .

وهكذا روي عبدالرزاق عن معمر ، عن قتادة عن الحسن بنحوه .

وقد رواه أبو حاتم وابن حبان في صحيحه فقال : حدثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة ، حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا صفوان بن عيسى ، حدثنا الحارث بن عبدالرحمن بن أبي ذباب . عن سعبد المقبري ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لما خلق الله آدم ونفخ فيه الروح عطس ، فقال : الحمد لله ، فحمد الله بإذن الله ، فقال له ربه : يرحمك ربك يا آدم ، اذهب إلى أولئك الملائكة - إلى ملأ منهم جلوس - فسلم عليهم ، فقال : السلام عليكم ، فقالوا : وعليكم السلام ورحمة الله . ثم رجع إلى ربه فقال : هذه تحيتك وتحية بنيك بينهم .

وقال الله ويداه مقبوضتان : اختر أيهما شئت ، فقال : اخترت يمين ربي ، وكلتا يدي ربي يمين مباركة . ثم بسطهما فإذا فيهما آدم وذريته ، فقال : أي رب . . ما هؤلاء ؟ قال : هؤلاء ذريتك ، وإذا كل إنسان منهم مكتوب عمره بين عينيه ، وإذا فيهم رجل أضوؤهم - أو من أضوئهم - لم يكتب له إلا أربعون سنة ، قال : يا رب . . من هذا ؟ قال : هذا ابنك داود . وقد كتب الله عمره أربعين سنة . قال : أي رب . . زد في عمره ، فقال : ذاك الذي كتب له ، قال : فإني قد جعلت له من عمري ستين سنة ، قال : أنت وذاك . اسكن الجنة .

فسكن الجنة ما شاء الله ثم هبط منها ، وكان آدم يعد لنفسه ، فأتاه ملك الموت فقال له آدم : قد عجلت ، وقد كتب لي ألف سنة . قال : بلى ، ولكنك جعلت لابنك داود منها ستين سنة ، فجحد آدم فجحدت ذريته ، ونسى فنسيت ذريته ، فيومئذ أمر بالكتاب والشهود " هذا لفظه .

وقد قال البخاري : حدثنا عبدالله بن محمد ، حدثنا عبدالرزاق ، عن معمر ، عن همام بن منبه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " خلق الله آدم وطوله ستون ذراعاً ، ثم قال : اذهب فسلم على أولئك النفر من الملائكة فاستمع ما يجيبونك ، فإنها تحيتك وتحية ذريتك ، فقال : السلام عليكم ، فقالوا : السلام عليك ورحمة الله فزاده ورحمة الله . فكل من يدخل الجنة على صورة آدم ، فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن " .

وهكذا رواه البخاري في كتاب الاستئذان ، عن يحيى بن جعفر ، ومسلم ، عن محمد بن رافع ، كلاهما عن عبدالرزاق به .

وقال الإمام أحمد : حدثنا روح ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كان طول آدم ستين ذراعاً في سبع أذرع عرضاً " انفرد به أحمد .

وقال الإمام أحمد ، حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن يوسف بن مهران ، عن ابن عباس قال : لما نزلت آية الدين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أول من جحد آدم ، إن أول من جحد آدم ، إن أول من جحد آدم . إن الله لما خلق آدم مسح ظهره ، فأخرج منه ما هو ذارىء إلى يوم القيامة ، فجعل يعرض ذريته عليه ، فرآى فيهم رجلاً يزهر ، قال : أي رب . . من هذا ؟ قال : هذا ابنك داود ، قال : أي رب . . كم عمره . قال ستون عاماً ، قال : أي رب . . زد في عمره . قال : لا ، إلا أن أزيده من عمرك ، وكان عمر آدم ألف عام فزاده أربعين عاماً . فكتب الله عليه بذلك كتاباً وأشهد عليه الملائكة .

فلما احتضر آدم أتته الملائكة لقبضه ، قال : إنه قد بقي من عمري أربعون عاماً ، فقيل له : إنه قد وهبتها لابنك داود ، قال : ما فعلت ، وأبرز الله عليه الكتاب وشهدت عليه الملائكة" .

وقال أحمد : حدثنا أسود بن عامر ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن يوسف ابن مهران ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن من جحد آدم - قالها ثلاث مرات - كإن الله عز وجل لما خلقه مسح ظهره فأخرج ذريته فعرضهم عليه ، فرأى فيهم رجلاً يزهر ، فقال : أي رب . . زد في عمره . قال : لا ، إلا أن تزيده أنت من عمرك ، فزاده أربعين سنة من عمره . فكتب الله عليه كتاباً وأشهد عليه الملائكة .

فلما أراد أن يقبض روحه قال : إنه بقي من أجلي أربعون سنة ، فقيل له : إنك قد جعلتها لابنك داود . قال : فجحد ، قال : فأخرج الله الكتاب ، وأقام عليه البينة ، فأتمها لداود مائة سنة ، وأتم لآدم عمره ألف سنة ". تفرد به أحمد وعلي بن زيد في حديثه نكارة .

وروى الطبراني عن علي بن عبد العزيز ، عن حجاج بن منهال ، عن حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن يوسف بن مهران ، عن ابن عباس وغير واحد . عن الحسن قال : لما نزلت آية الدين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أول من جحد آدم - ثلاثاً - " وذكره .

وقال الإمام مالك بن أنس في موطئه عن زيد أبي أنيسة ، أن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب ، أخبره عن مسلم بن يسار الجهني أن عمر بن الخطاب سئل عن هذه الآية : " وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى " الآية ، فقال ابن الخطاب : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عنها فقال : " إن الله خلق آدم عليه السلام ، ثم مسح ظهره بيمينه فاسخرج منه ذرتيه . قال : خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون . ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية قال : خلقت هؤلاء للنار ، وبعمل أهل النار يعملون " فقال رجل : يا رسول الله . . ففيم العمل ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا خلق الله العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة ، حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة فيدخل به الجنة . وإذا خلق الله العبد للنار ، استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل أهل النار فيدخل به النار " .

وهكذا رواه الإمام أحمد ، و أبو داود ، و الترمذي ، و النسائي ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو حاتم و ابن حبان في صحيحه من طرق ، عن الإمام مالك به .

وقال الترمذي : هذا حديث حسن ، ومسلم بن يسار لم يسمع عمر ، وكذا قال أبو حاتم وأبو زرعة ، زاد أبو حاتم : وبينهما نعيم بن ربيعة .

وقدر رواه أبو داود عن محمد بن مصفى ، عن بقية ، عن عمر بن جثعم ، عن زيد بن أبي أنيسة ، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب ، عن مسلم بن يسار ، عن نعيم بن ربيعة ، قال : كنت عند عمر بن الخطاب وقد سئل عن هذه الآية فذكر الحديث .

قال الحافظ الدارقطني : وقد تابع عمر بن جعثم أبو فروة بن يزيد بن سنان الرهاوي ، عن زيد بن أبي أنيسة قال : وقولهما أولي بالصواب من قول مالك رحمه الله .

وهذه الأحاديث كلها دالة على استخراجه تعالى ذرية آدم من ظهره كالذر وقسمتهم قسمين : أهل اليمين وأهل الشمال ، وقال : " هؤلاء للجنة ولا أبالي ، وهؤلاء للنار ولا أبالي " .

فأما الإشهاد عليهم واستنطاقهم بالإقرار بالواحدانية ، فلم يجيء في الأحاديث الثابتة ، وتفسير الآية التي في سورة الأعراف وحملها على هذا فيه نظر كما بيناه هناك وذكرنا الأحاديث والآثار مستقصاة بأسانيدها وألفاظ متونها ، فمن أراد تحريره فليراجعه ثم . . والله أعلم .

فأما الحديث الذي رواه أحمد : حدثنا حسين بن محمد ، وحدثنا جرير - يعني ابن حازم - عن كلثوم بن جبر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم عليه السلام بنعمان يوم عرفة ، فأخرج من صلبه كل ذريته ذرأها فنثرها بين يديه ثم كلمهم قبلاً قال : " ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين * أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون " ".

فهو بإسناد جيد قوي على شرط مسلم ، رواه النسائي وابن جرير و الحاكم في مستدركه من حديث حسين بن محمد المروزي به . وقال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، إلا أنه اختلف فيه على كلثوم بن جبر ، فروي عنه مرفوعاً وموقوفاً ، وكذا روي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس موقوفاً ، وهكذا رواه العوفي والوالبي والضحاك وأبو حمزة . عن ابن عباس قوله ، وهذا أكثر وأثبت . . والله أعلم .

وهكذا روي عن عبد الله بن عمر موقوفاً ومرفوعاً والموقوف أصح .

واستأنس القائلون بهذا القول - وهو أخذ الميثاق على الذرية وهم الجمهور - بما قال الإمام أحمد : حدثنا حجاج ، حدثني شعبة ، عن أبي عمران الجوني ، عن أنس بن مالك ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة : لو كان لك ما على الأرض من شيء أكنت مقتدياً به ؟ قال : فيقول : نعم . فيقول : قد أردت منك ما هو أهو من ذلك ، قد أخذت عليك في ظهر آدم ألا تشرك بي شيئاً ، فأبيت إلا أن تشرك بي " . أخرجاه من حديث شعبة به .

وقال أبو جعفر الرازي : عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، عن أبي بن كعب ، في قوله تعالى : " وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم " الآية والتي بعدها قال : فجمعهم له يؤمئذ جميعاً ما هو كائن منه إلى يوم القيامة ، فخلقهم ثم صورهم ثم استنطقهم فتكلموا وأخذ عليهم العهد والميثاق وأشهد عليهم أنفسهم : " ألست بربكم قالوا بلى " الآية .

قال : فإني أشهد عليكم السموات السبع والأرضين السبع ، وأشهد عليكم أباكم آدم ، ألا تقولوا يوم القيامة : لم نعلم بهذا ، اسمعوا أنه لا إله غيري ولا رب غيري ، ولا تشركوا بي شيئاً ، وإني سأرسل إليكم رسلاً ينذرونكم عهدي وميثاقي ، وأنزل عليكم كتابي .

قالوا : نشهد أنك ربنا وإلهنا ، لا رب لنا غيرك ، ولا إله لنا غيرك . فأقروا يومئذ بالطاعة .

ورفع أباهم آدم فنظر إليهم ، فرأى فيهم الغني والفقير ، وحسن الصورة ودون ذلك ، فقال : يا رب . . لو سويت بين عبادك ؟ فقال : إني أحببت أن أشكر .

ورأى فيهم الأنبياء مثل السرج عليهم النور ، وخصوا بميثاق آخر من الرسالة والنبوة ، فهو الذي يقول الله تعالى : " وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا " وهو الذي يقول : " فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله " وفي ذلك قال : " هذا نذير من النذر الأولى " وفي ذلك قال : " وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين " .

رواه الأئمة : عبد الله بن أحمد وابن أبي حاتم وابن جرير و ابن مردويه ، في تفاسيرهم من طريق أبي جعفر ، وروى عن مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والحسن البصري وقتادة والسدي ، وغير واحد من علماء السلف بسياقات توافق هذه الأحاديث .

وتقدم أنه تعالى لما أمر الملائكة بالسجود لآدم ، امتثلوا كلهم الأمر الإلهي ، وامتنع إبليس من السجود له حسداً وعداوة له ، فطرده الله وأبعده وأخرجه من الحضرة الإلهية ونفاه عنها ، وأهبطه إلى الأرض طريداً ملعوناً شيطاناً رجيماً .

وقد قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، ويعلي ومحمد ابنا عبيد ، قالوا : حدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد ، اعتزل الشيطان يبكي يقول : يا ويله . . أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة ، وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار " . ورواه مسلم من حديث وكيع وأبي معاوية عن الأعمش به .

ثم لما أسكن آدم الجنة التي أسكنها - سواء أكانت في السماء أم في الأرض على ما تقدم من الخلاف فيه - أقام بها هو وزوجته حواء عليهما السلام ، يأكلان منها رغداً حيث شاءا ، فلما أكلا من الشجرة التي نهيا عنها سلبا ما كانا فهي من اللباس وأهبطا إلى الأرض . وقد ذكرنا الإختلاف في مواضع هبوطه منها .

واختلفوا في مقدار مقامه في الجنة : فقيل بعض يوم من أيام الدنيا ، وقد قدمنا ما رواه مسلم عن أبي هريرة مرفوعاً : " وخلق آدم في آخر ساعة من ساعات يوم الجمعة " وتقدم أيضاً حديثه عنه . وفيه - يعني يوم الجمعة - " خلق آدم ، وفيه أخرج منها " .

فإن كان اليوم الذي خلق فيه أخرج فيه - وقلنا إن الأيام الستة كهذه الأيام - فقد لبث بعض يوم من هذه ، وفي هذا نظر وإن كان إخراجه في غير اليوم الذي خلق فيه ، أو قلنا بأن تلك الأيام مقدارها ستة آلاف سنة كما تقدم عن ابن عباس ومجاهد والضحاك ، واختاره ابن جرير ، فقد لبث هناك مدة طويلة .

قال ابن جرير : ومعلوم أنه خلق في آخر ساعة من يوم الجمعة ، والساعة منه ثلاثة وثمانون سنة وأربعة أشهر ، فمكث مصوراً طيناً قبل أن ينفخ فيه الروح أربعين سنة ، وأقام في الجنة قبل أن يهبط ثلاثاً وأربعين سنة وأربعة أشهر . . والله تعالى أعلم .

وقد روي عبد الرزاق ، عن هشام بن حسان ، عن سوار خبر عطاء بن أبي رباح : أنه كان لما أهبط رجلاه في الأرض ورأسه في السماء ، فحطه الله إلى ستين ذراعاً . وقد روى عن ابن عباس نحوه .

وفي هذا نظر ، لما تقدم من الحديث المتفق على صحته عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : " إن الله خلق آدم وطوله ستون ذراعاً ، فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن " ، وهذا يقتضي أنه خلق كذلك لا أطول من ستين ذراعاً ، وأن ذريته لم يزالوا يتناقص خلقهم حتى الآن .

وذكر ابن جرير عن ابن عباس : أن الله قال : يا آدم . . إن لي حرماً بحيال عرشي . فانطلق فابن لي فيه بيتاً ، فطف به كما تطوف ملائكتي بعرشي ، وأرسل الله له ملكاً فعرفه مكانه وعلمه المناسك ، وذكر أن موضع كل خطوة خطاها آدم صارت قربة بعد ذلك .

وعنه : أن أول طعام أكله آدم في الأرض ، أن جاءه جبريل بسبع حبات من حنطة ، فقال : ما هذا ؟ قال : هذا من الشجرة التي نهيت عنها فأكلت منهاه . فقال : وما أصنع بهذا ؟ قال : ابذره في الأرض ، فبذره ، وكان كل حبة منها زنتها أزيد من مائة ألف فنبتت فحصده ثم درسه ثم ذراه ، ثم طحنة ثم عجنه ثم خبزه فأكله بعد جهد عظيم وتعب ونكد ، وذلك قوله تعالى : " فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى " .

وكان أول كسوتهما من شعر الضأن : جزاه ثم غزلاه ، فنسج آدم له جبة ولحواء درعاً وخماراً .

واختلفوا : هل ولد لهما بالجنة شيء من الأولاد ؟ فقيل : لم يولد لهما إلا في الأرض وقيل : بل ولد لهما فيها ، فكان قابيل وأخته ممن ولد بها . . والله أعلم .

وذكروا أنه كان يولد له في كل بطن ذكر وأنثى ، وأمر أن يزوج كل ابن أخت أخيه التي ولدت معه ، والآخر بالأخرى ، وهلم جرا ، ولم يكن تحل أخت لأخيها الذي ولدت معه .
ليث العراقي
ليث العراقي
مميز المنتدى
مميز المنتدى

عدد المساهمات : 27
تاريخ التسجيل : 14/09/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى